🏴 وصایای آن بانو به حضرت امیرالمؤمنین علیه السلام
وَ قَدْ صَلَّى أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَلَاةَ الظُّهْرِ وَ أَقْبَلَ یُرِیدُ الْمَنْزِلَ إِذَا اسْتَقْبَلَتْهُ الْجَوَارِی بَاکِیَاتٍ حَزِینَاتٍ. فَقَالَ لَهُنَّ مَا الْخَبَرُ؟ وَ مَا لِی أَرَاکُنَ مُتَغَیَّرَاتِ الْوُجُوهِ وَ الصُّوَرِ؟ فَقُلْنَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ! أَدْرِکْ ابْنَةَ عَمِّکَ الزَّهْرَاءَ وَ مَا نَظُنُّکَ تُدْرِکُهَا.
فَأَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مُسْرِعاً؛ حَتَّى دَخَلَ عَلَیْهَا وَ إِذَا بِهَا مُلْقَاةٌ عَلَى فِرَاشِهَا وَ هُوَ مِنْ قَبَاطِیِّ مِصْرَ وَ هِیَ تَقْبِضُ یَمِیناً وَ تَمُدُّ شِمَالًا. فَأَلْقَى الرِّدَاءَ عَنْ عَاتِقِهِ وَ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ وَ حَلَّ أَزْرَارَهُ وَ أَقْبَلَ حَتَّى أَخَذَ رَأْسَهَا وَ تَرَکَهُ فِی حَجْرِهِ.
وَ نَادَاهَا یَا زَهْرَاءُ! فَلَمْ تُکَلِّمْهُ. فَنَادَاهَا یَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى! فَلَمْ تُکَلِّمْهُ. فَنَادَاهَا یَا بِنْتَ مَنْ حَمَلَ الزَّکَاةَ فِی طَرَفِ رِدَائِهِ وَ بَذَلَهَا عَلَى الْفُقَرَاء!ِ فَلَمْ تُکَلِّمْهُ. فَنَادَاهَا یَا ابْنَةَ مَنْ صَلَّى بِالْمَلَائِکَةِ فِی السَّمَاءِ مَثْنَى مَثْنَى! فَلَمْ تُکَلِّمْهُ. فَنَادَاهَا یَا فَاطِمَةُ! کَلِّمِینِی، فَأَنَا ابْنُ عَمِّکَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ.
قَالَ فَفَتَحَتْ عَیْنَیْهَا فِی وَجْهِهِ وَ نَظَرَتْ إِلَیْهِ وَ بَکَتْ وَ بَکَى وَ قَالَ مَا الَّذِی تَجِدِینَهُ فَأَنَا ابْنُ عَمِّکِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَتْ یَا ابْنَ الْعَمِّ إِنِّی أَجِدُ الْمَوْتَ الَّذِی لَا بُدَّ مِنْهُ وَ لَا مَحِیصَ عَنْهُ .... فَیُصْبِحَانِ یَتِیمَیْنِ غَرِیبَیْنِ مُنْکَسِرَیْنِ فَإِنَّهُمَا بِالْأَمْسِ فَقَدَا جَدَّهُمَا وَ الْیَوْمَ یَفْقِدَانِ أُمَّهُمَا فَالْوَیْلُ لِأُمَّةٍ تَقْتُلُهُمَا وَ تُبْغِضُهُمَا. ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُول:
ابْکِنِی إِنْ بَکَیْتَ یَا خَیْرَ هَادٍ * وَ اسْبِلِ الدَّمْعَ فَهُوَ یَوْمُ الْفِرَاقِ
یَا قَرِینَ الْبَتُولِ أُوصِیکَ بِالنَّسْلِ * فَقَدْ أَصْبَحَا حَلِیفَ اشْتِیَاقٍ
ابْکِنِی وَ ابْکِ لِلْیَتَامَى وَ لَا تَنْسَ * قَتِیلَ الْعِدَى بِطَفِّ الْعِرَاقِ
فَارَقُوا فَأَصْبَحُوا یَتَامَى حَیَارَى * یَحْلِفُ اللَّهَ فَهُوَ یَوْمُ الْفِرَاق
قَالَتْ فَقَالَ لَهَا عَلِیٌّ مِنْ أَیْنَ لَکِ یَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ هَذَا الْخَبَرُ؟ وَ الْوَحْیُ قَدِ انْقَطَعَ عَنَّا.
فَقَالَتْ یَا أَبَا الْحَسَنِ رَقَدْتُ السَّاعَةَ. فَرَأَیْتُ حَبِیبِی رَسُولَ اللَّهِ (ص) فِی قَصْرٍ مِنَ الدُّرِّ الْأَبْیَضِ؛ فَلَمَّا رَآنِی قَالَ هَلُمِّی إِلَیَّ یَا بُنَیَّةِ.
فَإِنِّی إِلَیْکِ مُشْتَاقٌ.
فَقُلْتُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَشَدُّ شَوْقاً مِنْکَ إِلَى لِقَائِکَ.
فَقَالَ أَنْتِ اللَّیْلَةَ عِنْدِی وَ هُوَ الصَّادِقُ لِمَا وَعَدَ وَ الْمُوفِی لِمَا عَاهَدَ.
فَإِذَا أَنْتَ قَرَأْت یس فَاعْلَمْ أَنِّی قَدْ قَضَیْتُ نَحْبِی. فَغَسِّلْنِی وَ لَا تَکْشِفْ عَنِّی فَإِنِّی طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَةٌ وَ لْیُصَلِّ عَلَیَّ مَعَکَ مِنْ أَهْلِیَ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى وَ مَنْ رُزِقَ أَجْرِی وَ ادْفِنِّی لَیْلًا فِی قَبْرِی بِهَذَا أَخْبَرَنِی حَبِیبِی رَسُولُ اللَّه.
📕 بحار الأنوار، علامه مجلسی، ج43، صص 179-178